في صيف عام 1983 بدأت رحلتي مع السينما . ليس كممثل بالطبع ولكن كمشاهد مبتدئ . كنت أعيش في مدينة طهطا وكان في ذاك الوقت يوجد سينما صيفية تسمي سينما الفار نسبة الي مالكها عليه رحمة الله عمي ( الفار الباب ) قبل أن يقام علي ارضها برج الفار حاليا المعروف بطهطا حاليا . اما قبل اربعين عاما تقريبا كانت هناك بوابة كبيرة للسينما تعرض عليها أفيشات الافلام بجوار شباك حجز التذاكر علي اليمين وانت داخل السينما كما يوجد اعلي السينما افيش ضخم يصل عرضه الي خمسة أمتر تقريبا في ارتفاع مترين ونصف . وأنا في الصف الخامس الابتدائي كان يجول في خاطري أن ادخل واشاهد هذه الشاشة الضخمة التي تعرض الافلام ولكن لم أستطع تدبير ثمن التذكرة البالغ وقتها عشرون قرشا ( ريال ) وعندما توفر المبلغ نتيجة عمل ما فمت به مع اخي الاكبر حصلت علي مبلغ ثلاثون قرشا . واول شيء فكرت ان اقوم به هو دخول سينما الفار . وبالفعل بعد صلاة المغرب توجهت الي شباك التذاكر وسألني بلكون ولا صالة ؟ ولم أتوقع مثل هذا السؤال فقلت له ماذا تقصد ؟ قال البلكون بخمسون قرشا والصالة بريال فقلت له لا صالة طبعا وأعطيته العشرون قرشا قطعتان من فئة الخمسة قروش وقطعة ثالثة من فئة العشرة قروش . ودخلت وجلست علي مقاعد طويلة من الخشب ولها مسند خشبي للظهر ( دكة )

ونظرت حولي وجدت رجال من حولي من جميع الاعمار ولم أجد طفلا واحدا سواي

وبدأ إطفاء الانوار استعدادا لتشغيل الفيلم

حيث وجدت شعاعا قويا يأتي من الخلف تتبعته بنظري حتي وصلت الي مبني بالخلف علويا كما الدور الثاني ويوجد به فتحتان في حدوت ثلاثون سنتيمتر طول وعرض مربعة الشكل وفهمت فيما بعد ان هناك ماكينتين عرض لكل ماكينة فتحة تستخدم عن تبديل الاسطوانات السينمائية .

وبدأ صوت قوي ستيريو ضخم بالموسيقي التصويرية لتتر الفيلم وهو أول فيلم أشاهده في حياتي في السينما وهو فيلم سمعت عنه طويلا وكم تمنيت أن اشاهده بعيني بعدما سمعت قصته باذني إنه فيلم من الافلام القوية التي لم يعرض في التلفزيون الا منذ وقت قريب هو فيلم ( الابطال ) يقوم فيه بدور البطولة الفنان أحمد ركزي والفنان ملك الترسو فريد شوقي .

وكانت قصة الفيلم تحكي عن طفل قتلت اسرته جميعا وهو مختبئ تحت السرير وتدور الايام ويكبر ويسافر الي القاهرة ويتعلم لعبة الكاراتيه لينتقم من الاشرار واحدا تلو الاخر بضربة سيف يد صارخا باسمه ( أحمد نصر الدين ) ويقضي علي العصابة

وينتهي الفيلم وتضاء الشاشة ويخرج الناس مهرولين الي الشارع متأثرين بأحداث الفيلم صارخين باعلي صوتهم أحمد نصر الدين .

ولكن هناك بعد الاحداث التي قلما تحدث وهو انقطاع الصوت اثناء تشغيلهم الفيلم ربما لعيب في شريط الصوت . ويصدر ضجيج من الصالة

( الصوت يا حامد … الصوت يا حامد )

وحامد عليه رحمة الله هو مشغل السينما ويلقون عليه اللوم في كل شيء

والأدهى لوكان الفيلم شيء دراميا

يصرخون ( سيما اونطة عايزين فلوسنا )

تذهب الاحداث … وتبقي الذكريات

أحمــــــد أبوتليح